أسعار النفط تخفّض أرباح «توتال إنرجيز» 31 % في الربع الرابع

أسعار النفط تخفّض أرباح «توتال إنرجيز» 31 % في الربع الرابع

استمرار أزمة البحر الأحمر يزيد خسائر الشركات ويهدّد بتفاقم التضخّم

تواجه شركات كثيرة حول العالم، لا سيما في أوروبا، صعوبات اقتصادية نتيجة استمرار أعمال القرصنة في البحر الأحمر: تأخيرات بالإنتاج بسبب التغييرات بمسار سفن الشحن، وارتفاع تكلفة البضائع مع زيادة تكلفة الشحن وارتفاع تكلفة التأمين على السفن. وبينما لا تزال نسبة تضخّم أسعار السلع معتدلة، يشير الخبراء إلى إمكانية زيادة كبيرة بالأسعار إذا استمرّت أزمة سلاسل التوريد.

دخان يتصاعد من السفينة التجارية «مارلين لواندا» التي تحمل علم جزر مارشال بعد أن أُصيبت بصاروخ مضاد للسفن أطلقه الحوثيون… الصورة بخليج عدن في 27 يناير 2024 (رويترز)

مع استمرار أزمة القرصنة في البحر الأحمر، تستمر قائمة المتضررين في الازدياد. وتشير المصادر التي استشارتها صحيفة «إل باييس» الإسبانية في تقريرها، الاثنين، 5 فبراير (شباط) 2024، إلى أنّ مسافة الطريق التي تضطر السفن الآن إلى سلوكها لتجنب العبور بقناة السويس – نتيجة مخاطر القرصنة بالبحر الأحمر – تتضمن الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح؛ ما يعني السفر 9 أيام إضافية في البحر على الأقل.

تأثّر شركات صناعة السيارات

ويلفت التقرير إلى أنّه في حال لم تحقق المهام العسكرية للتحالف الدولي هدفها المتمثل في إعادة الأمن إلى منطقة البحر الأحمر، أي أنّه في حال لم تستكمل العمليات ضد القرصنة حتى إعادة تأمين الملاحة في هذا الممر الحيوي، فقد تكون العواقب مكلفة جداً على الاقتصاد العالمي. وفي الوقت الحالي، فإنّ تكلفة القرصنة هي رسوم إضافية غير مريحة على البضائع (لارتفاع تكلفة الشحن)، ومحاولات تكيّف تستعجلها الشركات المستوردة.

ومن أبرز المؤسسات المتضررة من أعمال القرصنة، شركات السيارات. تقول منظمة «سيرناوتو (Sernauto) الإسبانية لمورّدي السيارات»: «تتأثر بعض شركات صناعة السيارات في إسبانيا بالتأخير بوصول المكونات أو المواد الخام اللازمة لتصنيع منتجاتها، فضلاً عن زيادة التكاليف من خلال الاضطرار إلى اللجوء إلى النقل الجوي بدلاً من البحري».

مصنع «تسلا» للسيارات في ولاية براندنبورغ الألمانية في 12 يناير 2024 من المصانع التي اضطُرت لإيقاف إنتاجها مؤقتاً بشكل قسري نتيجة تعرقل سلاسل التوريد بسبب هجمات القرصنة في البحر الأحمر (د.ب.أ)

وقد أعلنت شركات مثل «تسلا» و«فولفو» و«ميشلان» بالفعل عن توقف مؤقت في بعض مصانع إنتاجها في أوروبا بسبب تأخر وصول المواد التي تحتاج إليها، وهذا سيُترجم إلى آلاف أقل من السيارات التي سيجري تصنيعها هذا العام.

ويتأجل إنتاج الطلبات غير العاجلة. ويحذّر أنخيل تالافيرا الخبير الاقتصادي في «أكسفورد إيكونوميكس» – وهي مؤسسة استشارات مستقلّة – من أنّ هناك مخاطر حدوث تأثير أكبر على الشركات إذا استمرت أزمة البحر الأحمر بمرور الوقت. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن يتأثّر شحن الغاز المسال الذي تستورده أوروبا من قطر، والذي يمرّ عبر قناة السويس، كما يمكن كذلك أن يتأثّر جزء مهم من حركة نقل النفط عبر البحر الأحمر.

حاويات مصورة على سطح سفينتي النقل «MSC Allegra» (في الوسط) و«Ever Atop» (في اليسار) راسيتين بجانب رافعات الحاويات في أكبر ميناء شحن بالمملكة المتحدة في فيليكستو على الساحل الشرقي لإنجلترا في 27 يناير 2024 (أ.ف.ب)

مزيد من تكلفة الشحن والتأمين

وتحذر رابطة المصنّعين والمستهلكين الإسبانية «إيكوك» من أن التأثير الاقتصادي لأزمة البحر الأحمر كبير بالفعل في قطاعات مثل الأغذية، والمنسوجات والأزياء، والأجهزة والصناعات اليدوية، وسلع التكنولوجيا الاستهلاكية، مع أسعار الشحن التي أصبحت في بعض الحالات أكثر تكلفة بنسبة «300 في المائة». هذه التكلفة تزيد من الأقساط المرتفعة التي تطلبها شركات التأمين التي ترفض أحياناً تغطية مخاطر الشحنات.

وقال المصنّعون في بريطانيا ومنطقة اليورو إن سلاسل التوريد الخاصة بهم تدهورت نتيجة الاضطراب التجاري الناجم عن هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر، وفق مسح ﻟ«مؤشّر مديري المشتريات العالمي» (PMI)، حيث سجّل المؤشّر أقلّ من 50 نقطة في كلا الاقتصادين في يناير (كانون الثاني)، ما يعكس أن غالبية الشركات أبلغت عن إطالة أوقات تسليم الإمدادات إلى مصانعها، وفق تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية الخميس 1 فبراير 2024.

ويقول جورج موران، الخبير الاقتصادي في شركة نومورا القابضة – إحدى كبرى شركات اليابان المالية – «يعد الاستطلاع بالتأكيد علامة على أننا بدأنا نرى تأثير أزمة البحر الأحمر فعلياً على الشركات في أوروبا، وفي الواقع، في وقت مبكر جداً عما توقعنا أن يكون التأثير».

وأبلغت الشركات في معظم البلدان في أوروبا عن تدهور في سلاسل التوريد الخاصة بها، بما في ذلك الاقتصادات الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. ووفق المسح، كان المصنّعون في اليونان، إحدى أقرب دول الاتحاد الأوروبي إلى قناة السويس، من بين الأكثر تضرراً من عرقلة سلاسل التوريد.

نظرة عامة خلال اجتماع غير رسمي لوزراء الدفاع الأوروبيين في بروكسل ببلجيكا في 31 يناير 2024… من المواضيع التي طُرحت في الاجتماع «التحديات والتطورات الجارية في البحر الأحمر» (إ.ب.أ)

استمرار ارتفاع التضخّم

يوضح الخبير الاقتصادي أنخيل تالافيرا قائلاً: «تشير التقديرات الأولية، في الوقت الحالي إلى أن تأثير أزمة البحر الأحمر على التضخم معتدل، مع ارتفاع إضافي قدره بضعة أعشار هذا العام، وتأثيره يتركز بشكل رئيسي على السلع المستوردة».

أثار كثير من الاقتصاديين حول العالم مخاوف بشأن تأثير الأزمة في البحر الأحمر على توقعات التضخم العالمي.

وقال أوليفر راكاو، الخبير الاقتصادي في «أكسفورد إيكونوميكس»، إن «تعطيل الشحن عبر البحر الأحمر يبدو الآن أنه من المرجح أن يبقي تكاليف النقل مرتفعة على الأقل خلال الأشهر القليلة المقبلة». وقدّر أن ذلك سيضيف 0.3 إلى 0.4 نقطة مئوية إلى مقياس التضخم الرئيسي في منطقة اليورو، مع «زيادة وطأة التأثير في النصف الثاني من العام».

طائرة بريطانية من طراز «تايفون» تستعد للإقلاع للقيام بمزيد من الضربات ضد أهداف الحوثيين في إطار الجهود الدولية لمكافحة أعمال القرصنة… الصورة من قاعدة أكروتيري الجوية العسكرية البريطانية بقبرص في 3 فبراير 2024 (إ.ب.أ)

وقدّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (ومركزها باريس)، الاثنين 5 فبراير 2024، أنّ الارتفاع الأخير في أسعار الشحن البحري قد يؤدي إلى زيادة تضخم أسعار الواردات في بلدان المنظّمة الثمانية والثلاثين بنحو 5 نقاط مئوية إذا استمرت هذه الزيادة بأسعار الشحن، وفق ما نقلت شبكة «سي إن بي سي» الأميركية المختصّة بالاقتصاد.

ومنذ تصاعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تراجعت حركة المرور في البحر الأحمر بشكل كبير، وانخفض حجم التجارة في مضيق باب المندب، الذي تمر عبره السفن للوصول إلى قناة السويس من المحيط الهندي، بنسبة 65 في المائة مقارنة بنهاية أكتوبر، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

المصدر

seo

أسعار النفط تخفّض أرباح «توتال إنرجيز» 31 % في الربع الرابع

التعليقات معطلة.