أي قرارات أمام استمرار الانقلابات العسكرية والأزمات الإنسانية؟
أي قرارات أمام استمرار الانقلابات العسكرية والأزمات الإنسانية؟
يعقد الاتحاد الأفريقي السبت والأحد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا القمة السابعة والثلاثين منذ تأسيسه، في وقت تنزلق فيه القارة السمراء إلى مستنقع الاضطرابات الناجمة عن كثرة الانقلابات العسكرية والأزمات السياسية والإنسانية التي تضرب العديد من بلدانها. وإضافة إلى كل هذه الآفات والعقبات، تأتي التحديات الاقتصادية على رأس المشاكل التي تواجهها الدول الأعضاء. فهل تخرج هذه القمة بحلول، وهل يقدم زعماؤها مصالح القارة على مصالح بلادهم الضيقة؟
نشرت في:
7 دقائق
في ظل انقلابات وصراعات وأزمات سياسية وإنسانية تهدد بتقويض التنمية في القارة السمراء، يعقد قادة دول الاتحاد الأفريقي السبت والأحد في أديس أبابا قمتهم السابعة والثلاثين. وتغيب ست من الدول الأعضاء البـالغ عددها 55 دولة عن القمة، بعدما تم تعليق عضويتها بسبب انقلابات، إذ انضمت الغابون والنيجر عام 2023 إلى الدول المحظورة وهي مالي وغينيا والسودان وبوركينا فاسو.
وبالإضافة إلى الزعماء الأفارقة، تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال حفل الافتتاح صباح السبت. ويقوم لولا بجولة أفريقية تتضمن محطتين، مصر وإثيوبيا اللتين انضمتا مؤخرا إلى مجموعة “بريكس” (الدول الناشئة)، والتي كانت تعد بالأساس البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
اقرأ أيضاالاتحاد الأفريقي يعلن تعليق منح إسرائيل صفة مراقب ويؤكد عدم توجيه دعوة لتل أبيب لحضور قمته
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، الأربعاء خلال افتتاح اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي الذي يضم وزراء خارجية الدول الأعضاء، إن “السودان يشتعل، والصومال لا يزال عرضة للتهديد الجهادي”، مشيرا كذلك إلى “الوضع في القرن الأفريقي الذي لا يزال يثير القلق… والتوترات الدائمة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية”، وعدم الاستقرار في ليبيا و”الخطر الإرهابي” في منطقة الساحل.
وضع مقلق في شرق الكونغو الديمقراطية
أضاف فقي أن “تجدد الانقلابات العسكرية، وأعمال العنف قبل وبعد الانتخابات، والأزمات الإنسانية المرتبطة بالحرب وآثار تغير المناخ، كلها مصادر قلق كبيرة للغاية بالنسبة إلينا”. وأشار إلى أن هذه العوامل “تهدد بشكل خطير بتقويض مؤشرات نهوض أفريقيا”.
وعشية افتتاح القمة، جمع وسيط الاتحاد الأفريقي الرئيس الأنغولي جواو لورينسو عددا من رؤساء الدول الأفريقية في أديس أبابا لبحث الوضع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، في حضور الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي.
ويشهد شرق الكونغو الديمقراطية مجددا منذ نهاية العام 2021 نزاعا بين متمردي حركة “إم 23” المدعومة بحسب مصادر عديدة من الجيش الرواندي، والجيش الكونغولي المدعوم بصورة خاصة من جماعات مسلحة معروفة باسم “الوطنيون”.
أزمة سياسية في السنغال
تتهم جمهورية الكونغو الديمقراطية جارتها رواندا بدعم المتمردين في محاولة للسيطرة على الموارد المعدنية الهائلة في المنطقة، وهو ما تنفيه كيغالي. وفشلت جميع الجهود الدبلوماسية حتى الآن واحتدمت المعارك في الأيام الأخيرة واقتربت من مدينة غوما التي تضم مليون نسمة.
وظهرت “إم 23″، وهي حركة تمرد يهيمن عليها شعب التوتسي، في عام 2012، وفي نهاية العام نفسه احتلت غوما لفترة وجيزة، قبل هزيمتها عسكريا في العام التالي. لكنها عاودت الظهور في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، منتقدة الحكومة لعدم احترامها اتفاقات إعادة تتصل بدمج مقاتليها. ومنذ ذلك الحين، استولت على مساحات واسعة من الأراضي في شمال كيفو.
اقرأ أيضاالسنغال: تأجيل الانتخابات الرئاسية يؤجج غضب الشارع احتجاجا على “انقلاب دستوري”
تنعقد قمة الاتحاد الأفريقي أيضا في وقت انزلقت السنغال، المعروفة بأنها واحة استقرار وديمقراطية في القارة، في أزمة خطيرة منذ أوائل شباط/فبراير، نتيجة تأجيل الرئيس ماكي سال الانتخابات الرئاسية. غير أن المجلس الدستوري أبطل هذا القرار مساء الخميس، الأمر الذي ساهم في تعميق الشعور بعدم اليقين، بينما تعهد ماكي سال الجمعة بتنظيم الانتخابات الرئاسية في “أسرع وقت ممكن”.
“لا تأثير يُذكر على الدول التي شهدت انقلابات”
أعربت نينا ويلين، وهي مديرة برنامج أفريقيا في معهد إيغمونت للعلاقات الدولية الذي يتخذ من بروكسل مقرا، عن شكوكها في أن تصدر قرارات قوية خلال القمة.
وقالت إن “مقاومة الدول الأعضاء التي لا تريد أن ترى سوابق يمكن أن تضر بمصالحها الخاصة” لا تزال تمنع الاتحاد الأفريقي من “إسماع صوته”، مشيرة إلى أن المنظمة لم يكن لها حتى الآن “أي تأثير يذكر على الدول التي شهدت انقلابات مؤخرا”.
ومن المؤشرات إلى هذه الانقسامات، الخلافات بين الجزائر والمغرب، القوتين الكبيرتين في شمال أفريقيا، والتي أخرت لفترة طويلة تعيين الرئيس المقبل للاتحاد الأفريقي، وهو منصب دوري يفترض أن يخصص للمنطقة.
وفي السياق، تم التوصل أخيرا إلى توافق على شخصية الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الذي من المقرر أن يُنتخب السبت، حسبما أكد رئيس جزر القمر والاتحاد الأفريقي أزالي أسوماني.
الاقتصاد الأفريقي خسر قوته بسبب التضخم
سيناقش رؤساء الدول خلال هذه القمة “أساليب عمل جديدة… لتطوير موقف أفريقي” خلال اجتماعات مجموعة العشرين، بحسب بول سايمون هاندي المدير الإقليمي في معهد الدراسات الأمنية. وأشار إلى أنه يجب على الدول الأعضاء “أن تتمكن من بناء موقف أفريقي بين مؤتمرات القمة نصف السنوية” لرؤساء الدول.
وفي تقرير نشره الجمعة، قال البنك الأفريقي للتنمية إن الاقتصاد الأفريقي خسر قوته بسبب التضخم المقدر بـ 17,8% وتباطؤ النمو خلال العام 2023، لكنه لا يزال مرنا.
وأوضح البنك في تقريره أن “متوسط التضخم في القارة يقدر بنحو 17,8% خلال العام 2023، أي أعلى ب 3,6 نقطة مئوية عما كان عليه في العام 2022”. وأضاف: “ارتفع التضخم في أفريقيا منذ بداية وباء كوفيد-19 ولا يزال مرتفعا بشكل متواصل، مما يهدد استقرار الاقتصاد الكلي”.
وبحسب البنك، فإن “التضخم يغذيه ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة العالمية، فضلا عن عوامل محلية على غرار تأثيرات انخفاض قيمة العملات الوطنية مقابل الدولار الأمريكي”.
بالإضافة إلى ذلك، “تباطأ النمو في أفريقيا، حيث يقدر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3,2% في العام 2023، مقارنة بـ4,1% في العام 2022”. ويعود ذلك إلى وباء كوفيد-19 والغزو الروسي لأوكرانيا وعدم الاستقرار السياسي في مناطق عدة من القارة.
15 دولة أفريقية سجلت زيادات في الإنتاج
وعلى الرغم من هذا التراجع في متوسط النمو الاقتصادي في العام 2023، فإن “15 دولة أفريقية، تتقدمها كل من إثيوبيا وساحل العاج وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموريشيوس ورواندا، سجلت زيادات في الإنتاج تجاوزت 5 بالمئة”.
وعلل التقرير النمو القوي لهذه البلدان بالأثر الإيجابي لانتعاش الاستثمارات والسياحة، والأداء القوي لقطاع التعدين وفوائد تنويع الاقتصاد.
ومن المتوقع أن يصل النمو في أفريقيا خلال العام 2024 إلى 3,8%، وهو “معدل عام في جميع القطاعات”، بحسب البنك. وتوقع التقرير أن تضم القارة 11 من الاقتصادات العشرين الأسرع نموا في العالم. وإلى جانب ذلك، “تظل أفريقيا ثاني أسرع المناطق نموا، بعد آسيا”.
فرانس24/ وكالات
أي قرارات أمام استمرار الانقلابات العسكرية والأزمات الإنسانية؟